كفاءات مغربية عديدة اختارت العمل والبحث والإقامة، نتيجة لذلك، في الخليج، وبالضبط في إمارة دبي…لأسباب لم تعد خافية على أحد، جو العمل، والتقدير، والحوافز، وفضاءات الاشتغال كلها أسباب موضوعية للاختيار، للإغراء بالإقامة وإن بعيدا عن الوطن ودفئه…تعرفت، منذ مدة، على إحدى هذه الكفاءات…طبيبة باحثة، نشطة في مجال تخصصها، أجندتها تتزاحم فيها المواعيد في كل أركان المعمور، سمعتها وانضباطها، اسمها يدفع، الجماعة العلمية، إلى الإلحاح في طلبها، والإلحاح في مشاركتها…
اتصلت بها مؤخرا، فوجدتها متذمرة…استغربت، لأنني أعرفها جيدا، والتذمر كان آخر ما تصورت أن يصيبها…جاريتها في الحديث، لبحثي عن السبب وراء هذه الحالة التي وصلت إليها والتي لا تتوائم مع شخصيتها…حدثتني، بأنها انشغلت لأسابيع في إعداد لمؤتمر طبي دولي في دولة خليجية، وكانت الأمور كلها على ما يرام تأكيدات عديدة بالمشاركة، فضاء اللقاء ممتاز، والاستعدادات شارفت على نهايتها…وهنا ستبهني إحدى عضوات اللجنة التحضيرية للمؤتمر، بضرورة تجهيز جواز سفري عبر الحصول على تأشيرة الدولة المضيفة، فطلبت موعدا، لتقديم طلبي مشفوعا بكل الوثائق التي يستلزمها الموضوع…هذا الأخير لم يشغل بالي، لأنني اعتبرت أنه إجراء إداري روتيني لا غير…
مرت مدة قصيرة، وإذا بالقائمين على مصلحة التأشيرات، بسفارة البلد المحتضن للمؤتمر، يجيبونني بالرفض، والسبب “مبرر ديبلوماسي”…استغربت، فطلبت من محدثي أن يشرح لي ما معنى “العبارات” التي لا أسمع بها إلا في الأزمات الديبلوماسية، أو أجوبة وزراء الخارجية، أو للتعامل مع حالات رفض الوجود فوق التراب الوطني…عبارات لبقة، صحيح، لكنها لا تتناسب مع وضعيتي، فأنا مشاركة فقط في مؤتمر طبي، وأنا جزء من فريق إعداده وتحضيره…ولا رغبة لي في المكوث في ذلك البلد، وأنا مقيمة في بلد خليجي…صحيح أن لدي جواز سفر مغربي، لكنه جواز محترم، وبين صفاحته العديد من التأشيرات لكل الدول أولها وثالثها…
فبماذا تنصحيني؟ هل أخرج إلى الإعلام لنشر مظلمتي؟ هل أكتب إلى سفارة بلدي؟ هل فقط أعبر عن ما يخنق صدري في تدوينة على حائطي الفيسبوكي؟…لا أعرف لماذا يتملكني خوف من الإقدام على الصدع بما طالني من حيف؟ هل هي الغربة؟ أم الخوف من الانتقام؟ أم أن يأخذ الموضوع بعدا آخر، خصوصا وأن العديد من دول الخليج لا تتعامل بتسامح مع من ينتقد إجراءاتها أو يعلق على سياساتها…هل لأنني مغربية أعاقب؟ هل لأنني امرأة أُهان…لماذا لم ينظروا إلى مؤهلي، وإلى سبب طلبي للتأشيرة والضمانات المالية التي قدمتها؟ ولماذا اكتفوا بإصدار حكم الرفض لأنني امرأة مغربية…امرأة تواجه بحكم جاهز، محرر من كليشي جاهز أيضا؟؟؟؟
صديقتي…لا أملك جوابا لسيل الأسئلة الصادر عنك، ولا ترياقا لحُرقتك، ولا مبررا وحيدا للإهانة التي تحسين بها…لكن أحببت أن أشارك موضوعك مع أكبر عدد من القراء، تعريفا به…لعل هذه الغمامة تنجلي يوما، فينظر إلى عقل المرأة لا إلى جنسها، وتزاح هذه الصورة التي ورطت المرأة المغربية…هذا يتطلب عملا وليس مجرد أماني…عمل ديبلوماسي، عمل تعريفي، عمل تعبوي ترافعي…
صديقتي…تشاء الصدف أن تكون “محنتك” في شهر مارس، الذي يحتفل في ثامنه بعيد المرأة…فهلا توقفنا عن الاحتفال إلى حين توفير شروط الاحتفال؟؟؟
بقلم – د. حنان أتركين